التهاب المرارة عبارة عن حالة طبية شائعة قد تواجه العديد من الأشخاص في مختلف مراحل حياتهم.
لذلك يعتبر التعرف على أعراض وأسباب التهاب المرارة والعلاج المناسب له أمرًا ضروريًا للحفاظ على صحة الفرد وجودة حياته.
في هذا المقال، يقوم الدكتور رامي قطاش استشاري الجراحة العامة وجراحة المنظار والسمنة المرضية بذكر أبرز أعراض التهاب المرارة وطرق العلاج الممكنة للتخلص من هذه الحالة.
أعراض التهاب المرارة
يمكن أن يكون لالتهاب المرارة أعراضًا متنوعة، حيث أنها قد تختلف بناءً على نوع الالتهاب المصاب به الشخص، وقد تشمل ما يلي:
أعراض التهاب المرارة الحاد
هذه الأعراض قد تظهر فجأة وتكون شديدة، وقد تشمل ما يلي:
ألم في الجانب الأيمن العلوي من البطن
غالبًا ما يكون هذا الألم حادًا ويزداد بشكل خاص بعد تناول وجبة دسمة أو عند التنفس بعمق، كما أنه قد ينتشر إلى الكتف الأيمن أو الظهر، لذلك قد يعتقد البعض أن هذا الألم عبارة عن نوبة قلبية لذلك يسمى ألم المرارة الحاد أيضًا بنوبة المرارة.
الحمى
قد يصاحب التهاب المرارة حمى، وهذا قد يشير إلى وجود عدوى أو التهاب أكثر خطورة.
الغثيان والقيء
يشعر بعض المرضى المصابين بالتهاب المرارة بالغثيان والرغبة في التقيؤ خاصة بعد تناول الطعام، بالإضافة إلى فقدان الشهية والشعور بالتوعك.
اضطرابات في الهضم
غالبًا ما يصاحب التهاب المرارة أعراض أخرى، مثل: الانتفاخ والغازات والإسهال.
تغير لون البول والبراز
قد يصبح لون البول داكنًا وغالبًا ما يرافقه رائحة كريهة، بالإضافة إلى أن لون البراز قد يتغير ليصبح فاتح أو يكون له لون غير طبيعي.
اليرقان
يسبب التهاب المرارة الحاد في تدفق الصفراء إلى الجلد والعينين، مما يؤدي إلى تغير لونهم إلى اللون الأصفر.
أعراض التهاب المرارة المزمن
تميل أعراض التهاب المرارة المزمن إلى أن تكون أقل حدة، حيث أنها تأتي وتختفي، وقد يرافقها أعراض مثل:
المغص المراري
وهو عبارة عن ألم في البطن مع غثيان خاصة بعد تناول وجبة مليئة بالدهون أو ثقيلة بشكل عام.
فالأطعمة الدهنية تتطلب المزيد من الصفراء للهضم، وبالتالي يقوم الجهاز الهضمي بإرسال إشارات إلى المرارة لإرسال المزيد من الصفراء مما يؤدي إلى الضغط عليها بقوة أكبر وهذا ما يؤدي إلى التهابها بمرور الوقت.
ألم مستمر أو متكرر في الجانب الأيمن العلوي من البطن
هذا الألم قد يكون متوسط الشدة ويمكن أن يستمر لفترات طويلة.
حمى متكررة دون وجود سبب واضح
قد يصاب بعض مرضى التهاب المرارة المزمن بحمى خفيفة دون وجود أي علامات أخرى تشير إلى الإصابة بعدوى.
الضعف والتعب
غالبًا ما يشعر المرضى بالتعب الشديد والضعف، والإرهاق بشكل مستمر.
حساسية في منطقة المرارة
قد يشعر البعض بألم عند الضغط على منطقة المرارة.
أسباب التهاب المرارة وعوامل الخطورة
يمكن أن يحدث الالتهاب نتيجة عدة أسباب، أهمها ما يلي:
حصوات المرارة
تعد حصوات المرارة التي تسد القنوات الصفراوية هي السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب المرارة، سواء المزمن أو الحاد.
حصوات المرارة هي قطع من بقايا الصفراء المتصلبة، عادة ما تتشكل في الجزء السفلي من المرارة، ولكنها يمكن أن تنتقل أيضًا وتعلق في القناة الصفراوية أو في فتحة المرارة، وهذا يؤدي إلى عودة الصفراء إلى المرارة والإصابة بالالتهابات.
تضيق القنوات الصفراوية
يمكن أن تؤدي أمراض القناة الصفراوية إلى تكون أنسجة ندبية تؤدي إلى تضييق القنوات الصفراوية وهذا يمكن أن يعيق تدفق الصفراء، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب مزمن في القنوات الصفراوية في النهاية.
خلل في الحركة الصفراوية
هذا هو مرض المرارة الوظيفي الذي يؤثر على حركة المرارة، أو نشاط العضلات، وهذا يعني أن المرارة لا تنقبض بدرجة كافية لإخراج كمية كافية من الصفراء.
ركود الصفراء
قد يتوقف تدفق الصفراء في بعض الأحيان بسبب بعض الحالات المرضية، مثل: مرض الكبد المزمن أو التغذية الوريدية على المدى الطويل.
بحيث إذا كان الشخص يحصل على التغذية من الوريد وتتجاوز الجهاز الهضمي، فلن تكون هناك حاجة إلى الصفراء.
السرطان
في حالات نادرة، قد يؤدي وجود ورم في المرارة أو في القنوات الصفراوية إلى عدم تدفق الصفراء.
انخفاض تدفق الدم إلى المرارة
انخفاض تدفق الدم إلى المرارة يمكن أن يسبب التهابًا مزمنًا أو حادًا، اعتمادًا على مدى شدته.
وغالبًا ما تكون هذه الحالة استجابةً لمرض خطير أو صدمة، ويمكن أن يكون أيضًا بسبب انسداد الأوعية الدموية أو التهاب الأوعية الدموية.
العدوى
يمكن أن يصاب البعض ببعدوى بكتيرية في المرارة أو القنوات الصفراوية حتى بدون وجود عائق يحبس البكتيريا بالداخل، على الرغم من أن هذا غير شائع.
فمن المرجح أن يكون ذلك إذا كان لدى الشخص جهاز مناعي ضعيف، حيث أنه يمكن أن تؤدي العدوى إلى تهيج أنسجة المرارة وحتى تآكلها.
ويجدر بالذكر أن هذه الحالات تتطور ببطء، لذا فهي أكثر عرضة للتسبب في التهاب المرارة المزمن، ولكنها يمكن أن تتفاقم بمرور الوقت وتؤدي للإصابة بالتهاب المرارة الحاد.
أما بالنسبة لعوامل الخطورة، فقد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة من غيرهم، مثل:
- النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المرارة مقارنةً بالرجال.
- الأشخاص فوق سن 40 عامًا.
- النساء الحوامل.
- مرضى السكري.
- الذين فقدوا أوزانهم بسرعة.
- الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
- الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستويات الكوليسترول.
اقرأ أيضًا: البواسير
علاج التهاب المرارة
من أبرز العلاجات المتاحة ما يلي:
الرعاية الداعمة
يتم علاج التهاب المرارة على الفور في المستشفى حيث أن العلاج يتضمن:
- السوائل الوريدية: حيث أنها تُعطى لمنع الجفاف ودعم وظيفة الكلى، ولتعويض السوائل والأملاح المفقودة بسبب التقيؤ وعدم القدرة على الأكل.
- المضادات الحيوية الوريدية: لعلاج العدوى في المرارة أو للوقاية منها.
- مسكنات الألم الوريدية: تعطى مسكنات الألم الوريدية مثل الباراسيتامول أو المورفين لتخفيف الألم الشديد.
تصريف السوائل من المرارة بالمنظار
يُعتبر هذا الإجراء آمنًا وفعّالًا ويُجرى في المستشفى تحت إشراف طبيب مختص، حيث أنه يتم من خلال التنظير تخفيف الضغط عن المرارة من خلال تصريف السوائل، وخطواتها كالتالي:
- يتم تخدير المريض لتقليل الألم أثناء الإجراء.
- يستخدم الطبيب الموجات فوق الصوتية لتحديد موقع المرارة وتوجيه الإبرة إليها.
- يدخل الطبيب إبرة رفيعة من خلال شق صغير في البطن حتى يصل إلى المرارة.
- يتم تثبيت أنبوب تصريف رفيع ومرن في المرارة عبر هذه الإبرة، وذلك لتصريف السوائل خارج المرارة إلى الجهاز الهضمي.
- يتم أخذ عينات من السائل لتحليله في المختبر وتحديد سبب تجمع السائل.
- بمجرد تصريف الكمية المطلوبة من السوائل، يتم سحب الإبرة وإزالة الأنبوب.
إزالة حصوات المرارة بالمنظار (ERCP)
إزالة حصوات المرارة بالمنظار وتصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية بالطريق الراجع، يعتبر إجراءً غير جراحي فعّال يجمع بين التنظير العلوي وتقنية التصوير بالأشعة السينية.
يساعد هذا الإجراء في تخفيف الأعراض الناتجة عن حصوات المرارة وانسداد القنوات الصفراوية، وخطواته كالتالي:
- يتم تخدير المريض.
- يقوم الطبيب بإدخال المنظار العلوي من خلال الفم والبلعوم وحتى المعدة والمرارة.
- يتم استخدام الأشعة السينية لتحديد موقع الحصوات في المرارة والقنوات الصفراوية.
- بعد تحديد موقع الحصوات، يقوم الطبيب بإدخال أدوات خاصة عبر المنظار لإزالة الحصوات العالقة في القنوات الصفراوية.
- في حالة وجود انسداد في القنوات الصفراوية بسبب الحصوات، يتم تصريف الصفراء باستخدام الأدوات نفسها أثناء الإجراء.
استئصال المرارة بالمنظار
يعد العلاج لالتهاب المرارة هو إجراء عملية لإزالة المرارة، حيث أن معظم الأسباب والمشاكل تكمن في المرارة نفسها.
ويعد استئصال المرارة بالمنظار من الإجراءات الجراحية الفعالة والآمنة، إذ أنه تستخدم تقنية التنظير الداخلي لإزالة المرارة من البطن بدون الحاجة إلى جراحة مفتوحة.
يعتبر هذا الإجراء آمنًا وفعّالًا ويتميز بفترة نقاهة قصيرة ووقت عودة سريع للحياة الطبيعية للمريض، ويتم إجراؤه كالتالي:
- يتم تخدير المريض وإدخال المنظار عبر شقوق صغيرة في البطن.
- بعد إدخال المنظار، يتم فحص المرارة وتقييم حجمها وشكلها، بالإضافة إلى التحقق من وجود أي حصوات أو تغيرات.
- يتم استئصال المرارة باستخدام المنظار من خلال أدوات خاصة تمرر عبر الشقوق.
- يتم قطع الأوعية الدموية والأنسجة المحيطة بالمرارة وإزالتها بعناية.
- بعد استئصال المرارة، يتم إغلاق الثقوب باستخدام غرز جراحية لتثبيتها.
- يتم البقاء في المستشفى لفترة قصيرة للمراقبة والتأكد من عدم وجود أي مضاعفات.
استئصال المرارة بالجراحة التقليدية
في الحالات الأكثر تعقيدًا قد يتطلب الأمر جراحة مفتوحة، وهو إجراء جراحي يتم فيه استئصال المرارة بشكل كامل بشكل تقليدي من خلال فتح البطن، ويتم من خلال الخطوات التالية:
- يقوم الطبيب بتخدير المريض تخدير عام.
- يتم إجراء شق في البطن للوصول إلى منطقة المرارة.
- بعد فتح البطن، يتم فحص المرارة وتقييم حجمها وشكلها والتأكد من وجود حصوات أو أي تغيرات.
- يتم استئصال المرارة وقطع الأوعية الدموية المتصلة بها، ثم فحص القنوات الصفراوية للتأكد من عدم وجود حصوات قبل إغلاق الجرح.
- بعد استئصال المرارة والتأكد من عدم وجود نزيف، يتم إغلاق الجرح بعناية باستخدام غرز جراحية.
- قد يتم ترك أنبوب تصريف للسوائل الزائدة من المنطقة المجاورة للمرارة لتقليل الضغط وتحسين الشفاء.
- يتم البقاء في المستشفى لفترة أطول مقارنةً بالمنظار للمراقبة والتأكد من عدم وجود أي مضاعفات.
مضاعفات التهاب المرارة
تشمل المضاعفات ما يلي:
- إصابة الكبد أو القنوات الصفراوية.
- التهاب البنكرياس.
- ضعف عملية الهضم.
- سوء امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة.
- التهاب مزمن يؤدي إلى تليف المرارة (تندبها) واختلال وظائفها.
- موت الأنسجة والتهاب المرارة الغنغريني.
- ثقب المرارة.
- تسمم الدم.
في الختام إن التهاب المرارة هو حالة شائعة يمكن أن تكون لها أعراض مزعجة وقد تكون خطيرة في بعض الحالات، لذلك يجب مراجعة الطبيب فورًا إذا كنت تشعر بأي من الأعراض المذكورة سابقًا للحصول على التشخيص السليم والعلاج المناسب.
وتذكر دائمًا التشخيص والعلاج المبكر لهذه الحالة يمكن أن يقلل من خطر تطور المضاعفات ويحسن من جودة الحياة.
اقرأ أيضًا: التشخيص المبكر والعلاج الجراحي لأورام الثدي
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.). Cholecystitis (Gallbladder inflammation). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/15265-gallbladder-swelling–inflammation-cholecystitis
- Cholecystitis. (2020, July 2). Johns Hopkins Medicine. https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/cholecystitis
- Cholecystitis – Symptoms and causes – Mayo Clinic. (2022, September 9). Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/cholecystitis/symptoms-causes/syc-20364867